تجارب | الدعوة الى الله : بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بشناتي (الحلقة الثانية)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تجارب | الدعوة الى الله : بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بشناتي (الحلقة الثانية)
الحلقة الثانية
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بشناتي
رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الجنان – طرابلس – لبنان .
وجوب الدعوة
ذكرنا في السابق قول الله -سبحانه وتعالى -:"[ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ]{النحل:125} فهذه الآية الكريمة دليل صريح على وجوب الدعوة الى دين الإسلام ، وهو الدين الذي ارتضاه الله للناس جميعا ً في رسالته الخاتمة على يد محمد -صلى الله عليه وسلم -، حيث قال -سبحانه وتعالى -:"[إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ]{آل عمران:19}.
فآية وجوب الدعوة جاءت بصيغة الأمر "ادع" والأمر من الله -عز وجل-يوجب تنفيذ مضمونه ولا يجوز التخلف عن امتثال أوامر الله -سبحانه وتعالى -والدعوة الى ما يرضاه الله -عز وجل-طريق الى مرضاته.
والآية الكريمة أعطت الدعاة تقدير الظروف في طريقة دعوتهم حسب الظروف فيختارون مايناسب الواقع والأحوال ، والمُبلغ ليس مسؤولا عن نتائج الدعوة ، بل عليه أن يتبع أسلوب منهج القرآن الكريم في الدعوة، ولايدع طريقة طيبة أمَر الله -سبحانه وتعالى -بها إلا اتبعها بصبر وأناة وأسلوب وديع ، والله -عز وجل-هو الموفق إلى الهدى ، لقوله -سبحانه وتعالى -في نهاية الآية :[إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ]{النحل:125}.
والدعوة الى الحق دعوة مستمرة لا تتوقف ، والوحي -عليه السلام-لايهبط بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ولا يجوز توقف الدعوة من بعده ، فإن وجوب الدعوة إلى التوحيد والإسلام ودين الله واجب في كل زمن وعصر وعلى كل الأجيال عبر العصور أن يجدّدوا الدعوة الإسلامية ، ولا يتركوا الدعوة فتنضب ، وذلك مسؤولية الأجيال المتتالية ، قال الله-سبحانه وتعالى -:[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ]{فصِّلت:33}
أسلوب الدعوة
كانت الدعوة الى عباد الله الواحد تنطلق وتستمر عن طريق الأنبياء ، فكان أسلوب الدعوة يملى عليهم من رب العالمين ، قال الله -سبحانه وتعالى -الى موسى :[اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى()فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى]{طه:43-44}.
فأمر الله -عز وجل-نبيّيه موسى وهارون -عليهما السلام -أن يتبعا أسلوب اللين والحكمة والموعطة الحسنة فيذهبا الى فرعون لدعوته الى دين الله -سبحانه وتعالى -وقد بين القرآن الكريم طريقة دعوته ومناقشته في بادىء الأمر عن طريق الكلمة والبيان ، قال الله -سبحانه وتعالى -:[فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى]{طه:47}.
فكانت دعوة الأنبياء تقوم على أسس الملاطفة واللين وطرح موضوع الوحدانية والجدال بالتي هي أحسن ، فإذا لم يستجب الناس يتحول أسلوب الدعوة إلى ناحية أخرى ، فيها تهديد وتخويف ، ولهذا لمّا أصر فرعون على كفره أوحى الله -سبحانه وتعالى -الى موسى وهارون -عليهما السلام -أن يتحولا الى أسلوب آخر، أسلوب التخويف والتهديد ، قال الله -سبحانه وتعالى -:[إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ العَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى]{طه:48}.
فكانت دعوة الأنبياء الى وحدانية رب العالمين تنتقل من نبي الى آخر لتظل كلمة "لا اله الا الله "باقية على الأرض ليعبدوا الله الواحد القهار ، وليطيعوا ربهم ويتقوه ، فإذا فعلوا ذلك غفرالله -عز وجل- ذنوبهم وأدخلهم جنته ، وقبل موسى -عليه السلام-أ ُرْسِلَ نوح -عليه السلام-الى قومه لينذرهم قبل أن يأتيهم عذاب أليم، قال نوح -عليه السلام- في الآية الكريمة :[أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ]{نوح: 3- 4}.
ومن يقرأ سورة نوح -عليه السلام-يتبين صبر نوح على قومه الذي بلغ تسمائة وخمسين سنة .
فالله -عز وجل-ارتضى للإسلام منهجا دعويا قويما ، ونصوص القرآن الكريم تؤكد أن الإسلام دين يدعو الى السلام والحياة السعيدة والحوار والهدوء النفسي والأخلاق الخيرة كل ذلك بأسلوب الدعوة اللطيف وبطريقة سهلة وجميلة .
وفي سيرة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-منذ بدء دعوته عندما كان لا يملك القوى العسكرية أو المادية، دعا قبيلته سرا ً ثم جهرا ً فلم يختلف أسلوب دعوته على مرّ السنين وهو في المدينة المنورة ، فكان الرسول والداعية والقائد والمشرّع والمرجع وغير ذلك كثير ، إلا ّ أن أسلوبه وأخلاقه وطريقته لم تتغير وكان المنهج والأسلوب يتميزان بالدقة والصحة .
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بشناتي
رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الجنان – طرابلس – لبنان .
وجوب الدعوة
ذكرنا في السابق قول الله -سبحانه وتعالى -:"[ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ]{النحل:125} فهذه الآية الكريمة دليل صريح على وجوب الدعوة الى دين الإسلام ، وهو الدين الذي ارتضاه الله للناس جميعا ً في رسالته الخاتمة على يد محمد -صلى الله عليه وسلم -، حيث قال -سبحانه وتعالى -:"[إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ]{آل عمران:19}.
فآية وجوب الدعوة جاءت بصيغة الأمر "ادع" والأمر من الله -عز وجل-يوجب تنفيذ مضمونه ولا يجوز التخلف عن امتثال أوامر الله -سبحانه وتعالى -والدعوة الى ما يرضاه الله -عز وجل-طريق الى مرضاته.
والآية الكريمة أعطت الدعاة تقدير الظروف في طريقة دعوتهم حسب الظروف فيختارون مايناسب الواقع والأحوال ، والمُبلغ ليس مسؤولا عن نتائج الدعوة ، بل عليه أن يتبع أسلوب منهج القرآن الكريم في الدعوة، ولايدع طريقة طيبة أمَر الله -سبحانه وتعالى -بها إلا اتبعها بصبر وأناة وأسلوب وديع ، والله -عز وجل-هو الموفق إلى الهدى ، لقوله -سبحانه وتعالى -في نهاية الآية :[إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ]{النحل:125}.
والدعوة الى الحق دعوة مستمرة لا تتوقف ، والوحي -عليه السلام-لايهبط بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ولا يجوز توقف الدعوة من بعده ، فإن وجوب الدعوة إلى التوحيد والإسلام ودين الله واجب في كل زمن وعصر وعلى كل الأجيال عبر العصور أن يجدّدوا الدعوة الإسلامية ، ولا يتركوا الدعوة فتنضب ، وذلك مسؤولية الأجيال المتتالية ، قال الله-سبحانه وتعالى -:[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ]{فصِّلت:33}
أسلوب الدعوة
كانت الدعوة الى عباد الله الواحد تنطلق وتستمر عن طريق الأنبياء ، فكان أسلوب الدعوة يملى عليهم من رب العالمين ، قال الله -سبحانه وتعالى -الى موسى :[اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى()فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى]{طه:43-44}.
فأمر الله -عز وجل-نبيّيه موسى وهارون -عليهما السلام -أن يتبعا أسلوب اللين والحكمة والموعطة الحسنة فيذهبا الى فرعون لدعوته الى دين الله -سبحانه وتعالى -وقد بين القرآن الكريم طريقة دعوته ومناقشته في بادىء الأمر عن طريق الكلمة والبيان ، قال الله -سبحانه وتعالى -:[فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى]{طه:47}.
فكانت دعوة الأنبياء تقوم على أسس الملاطفة واللين وطرح موضوع الوحدانية والجدال بالتي هي أحسن ، فإذا لم يستجب الناس يتحول أسلوب الدعوة إلى ناحية أخرى ، فيها تهديد وتخويف ، ولهذا لمّا أصر فرعون على كفره أوحى الله -سبحانه وتعالى -الى موسى وهارون -عليهما السلام -أن يتحولا الى أسلوب آخر، أسلوب التخويف والتهديد ، قال الله -سبحانه وتعالى -:[إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ العَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى]{طه:48}.
فكانت دعوة الأنبياء الى وحدانية رب العالمين تنتقل من نبي الى آخر لتظل كلمة "لا اله الا الله "باقية على الأرض ليعبدوا الله الواحد القهار ، وليطيعوا ربهم ويتقوه ، فإذا فعلوا ذلك غفرالله -عز وجل- ذنوبهم وأدخلهم جنته ، وقبل موسى -عليه السلام-أ ُرْسِلَ نوح -عليه السلام-الى قومه لينذرهم قبل أن يأتيهم عذاب أليم، قال نوح -عليه السلام- في الآية الكريمة :[أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ]{نوح: 3- 4}.
ومن يقرأ سورة نوح -عليه السلام-يتبين صبر نوح على قومه الذي بلغ تسمائة وخمسين سنة .
فالله -عز وجل-ارتضى للإسلام منهجا دعويا قويما ، ونصوص القرآن الكريم تؤكد أن الإسلام دين يدعو الى السلام والحياة السعيدة والحوار والهدوء النفسي والأخلاق الخيرة كل ذلك بأسلوب الدعوة اللطيف وبطريقة سهلة وجميلة .
وفي سيرة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-منذ بدء دعوته عندما كان لا يملك القوى العسكرية أو المادية، دعا قبيلته سرا ً ثم جهرا ً فلم يختلف أسلوب دعوته على مرّ السنين وهو في المدينة المنورة ، فكان الرسول والداعية والقائد والمشرّع والمرجع وغير ذلك كثير ، إلا ّ أن أسلوبه وأخلاقه وطريقته لم تتغير وكان المنهج والأسلوب يتميزان بالدقة والصحة .
& الهَبَهُوبَ &- عدد المساهمات : 723
تاريخ التسجيل : 04/04/2011
العمر : 28
الموقع : رأس الخيمه
رد: تجارب | الدعوة الى الله : بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم بشناتي (الحلقة الثانية)
اتمنى ان ينال اعجابكم.........وبالتوفيق
& الهَبَهُوبَ &- عدد المساهمات : 723
تاريخ التسجيل : 04/04/2011
العمر : 28
الموقع : رأس الخيمه
البطل 98- عدد المساهمات : 682
تاريخ التسجيل : 06/04/2011
العمر : 26
مواضيع مماثلة
» صور عن الشيخ زايد رحمه الله
» موضوع عن الشيخ زايد رحمه الله
» تقرير عن الشيخ زايد رحمه الله
» الشيخ زايد بن سلطان ـ رحمه الله ـ
» تقرير عن الشيخ زايد رحمه الله
» موضوع عن الشيخ زايد رحمه الله
» تقرير عن الشيخ زايد رحمه الله
» الشيخ زايد بن سلطان ـ رحمه الله ـ
» تقرير عن الشيخ زايد رحمه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى